فتاة بسيطة تقطن في الأرياف بمحافظة سوهاج، وجدت نفسها بين أسرة فقيرة، لا تستطيع توفير نفقات تعليمها وشقيقاتها، فقررت النزول لسوق العمل لتساعد نفسها وأسرتها دون أن يشعر بها أحد، أملاً في توفير الأموال لتدخل الامتحانات لكنها كادت تدخل السجن لاتهامها في قضية سرقة. قبل 13 سنة من الآن، جاءت فتاة من إحدى القرى لمدينة سوهاج، تقيم برفقة زميلاتها حيث تدرس في الجامعة، لكنها أدركت أن أعباء الدراسة أرهقت أسرتها، فقررت أن تعمل خادمة دون أن تشعر أسرتها لمساعدة نفسها وشقيقاتها.
الفتاة عشرينة العمر، كانت أحلامها بسيطة، الحصول على مبلغ شهري تنفق منه على نفسها وشقيقاتها، لكن أحلامها تبخرت عندما اتهمها الطبيب الذي تعمل لديه بسرعة 140 ألف جنيه من شقته.
رجال المباحث بسوهاج وجدوا نفسهم أمام بلاغ لطبيب يتهم فيه فتاة تعمل خادمة لديه بالسرقة، وكل الشواهد تشير لذلك، فلا يوجد كسر أو بعثرة في الشقة، والدخول والخروج تم عن طريق مفتاح لا يوجد نسخة منه إلا معها.
ورغم كل الشواهد على تورط الفتاة الفقيرة، إلا أن دموعها وحرصها على عدم معرفة أسرتها بأنها تعمل خادمة حرك قلب اللواء خالد الشاذلي مسئول المباحث ـ وقتها ـ فقرر كشف الحقيقة مهما كبده ذلك من مشقة، فاستمع بعناية للفتاة، ونزل ميدانياً لمكان البلاغ وفحص الشقة، واستعان بالأدلة الجنائية، بحثاً عن أمل وطاقة نور تخرج الفتاة من خلف الأسوار.
جهود "الشاذلي" ورجاله لم تذهب سُدى، فقد جاء تقرير المعمل الجنائي يؤكد فتح باب الشقة بمفتاح مصطنع، وبالتحري وجمع المعلومات تبين أن سائق شخصي يرافق الطبيب باستمرار، وبالبحث عن محل لاستخراج "المفاتيح" قريباً من شقة الطبيب، توصل رجال المباحث لعامل يستخرج المفاتيح، أكد أن شاب أتي اليه واستخرج مفتاح مصطنع على مفتاح شقة، وأدلى بمواصفاته، التي تطابقت تماماً مع مواصفات السائق، فتم ضبطه وباستجوابه انهار واعترف بجريمته، حيث استخرج مفتاح على الشقة وتسلل لها وسرق المبلغ.
"لا أحد ينسى مشهد الفتاة عندما توصلنا للحقيقة، فقد أغمي عليها من الفرحة، بينما كان الطبيب في قمة الخجل لاتهامه لها بالبطل، وكنا كرجال مباحث فخورين بالتوصل للحقيقة وعدم الزج بانسانة بريئة للسجن"، هذا ما سرده اللواء خالد الشاذلي لـ"اليوم السابع" عن تفاصيل واقعة مر عليها 13 سنة.
وتنشر "اليوم السابع" سلسلة حلقات "شاهد على الجريمة" طوال شهر رمضان، حيث ترصد شهادات الضباط والمحامين والمعاصرين للجرائم التي شغلت الرأي العام، والتي كان من الصعوبة كشفها، إلا أن دهاء رجال المباحث والكفاءات الأمنية ساهمت بشكل كبير في كشف غموض هذه الجرائم القديمة، التي وقعت على مدار السنوات الماضية.
ونهدف من نشر هذه الجرائم، للتأكيد على أنه لا توجد جريمة كاملة، وأن المجرمين حتماً يقعون في قبضة الأمن مهما طال الوقت، وللوقف على الظروف التي صنعت من أشخاص عاديين مجرمين، ولتنجب الأخطاء وتفاديها، حتى لا يقع أحد فيها ويجد نفسه خلف الأسوار مثلهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة