سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 19 سبتمبر 1967.. الشاعر صالح جودت يشن هجوما كاسحا ضد نزار قبانى بسبب قصيدة «هوامش على دفتر النكسة» ويضعه فى قائمة المقاطعة

الخميس، 19 سبتمبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 19 سبتمبر 1967.. الشاعر صالح جودت يشن هجوما كاسحا ضد نزار قبانى بسبب قصيدة «هوامش على دفتر النكسة» ويضعه فى قائمة المقاطعة الشاعر صالح جودت

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كتب الشاعر نزار قبانى قصيدته «هوامش على دفتر النكسة» انفعالا بهزيمة 5 يونيو 1967، فأثارت ردود فعل عربية هائلة، وكان الشاعر والكاتب صالح جودت ممن هاجموها وشاعرها بعنف، وعلى أثر ذلك تم وضعه على قائمة المقاطعة فمنعت قصائده وأغنياته من الإذاعة وصودرت دواوينه.

شن «جودت» هجومه فى ثلاثة مقالات بمجلة الكواكب، أبرزها مقاله «فضيحة نزار قبانى»، عدد 842، فى 19 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1967، وضع فيه الشاعر العربى الكبير فى قائمة المقاطعة، قائلا: «يحز فى نفسى أن أجدنى مضطرا إلى وضع اسم عربى فى قائمة المقاطعة، نفس القائمة التى وضعنا فيها «اليزابيث تيلور» و«فرانك سيناترا» من قبل، هو اسم نزار قبانى، ويشق على قلبى أن أطالب الإذاعات العربية جميعا بمقاطعة أغانى نزار، وأن أطالب المكتبات العربية جميعا بمصادرة دواوين نزار.. ماذا دهى نزار قبانى؟ وكيف هان عليه أن يستل خنجرا يطعن به الأمة العربية، وهى لا تزال تئن من جراح العدوان؟

وبعد أن يتساءل «جودت» عن «هوامش على دفتر النكسة»، «هل هى قصيدة؟، يقول «بينى وبين الشعر الجديد قضية عنيدة هى قضية الوزن والقافية والموسيقى»، ويضيف: «استخدم نزار فى هذه القصيدة من الشعر الجديد كلمات لا توجد فى قاموس الشعر ولا فى لغة الشعراء، مثل «العهر» و«الأحذية» و«الأكل من الحذاء» و«القىء والسعال»، ثم تحدث عن اللغة العربية والتراث العربى، فقال: «أنعى لكم يا أصدقائى اللغة القديمة، والكتب القديمة/ كلامنا المثقوب كالأحذية القديمة/ ومفردات العهر والهجاء والشتيمة».  

استخدم «جودت» ورقة الدين فى هجومه بتأويله «المتعسف» لمقطع من القصيدة، قائلا إن نزار يسخر من قوله تعالى فى كتابه العزيز عن العرب أنهم خير أمة أخرجت للناس، فيقول «جلودنا ميتة الإحساس/ أرواحنا تشكو من الإفلاس/ أيامنا تدور بين الزار والشطرنج والنعاس/ هل نحن خير أمة قد أخرجت للناس؟».
ويتعجب «جودت» من حديث نزار للأطفال، ويستشهد بأبيات «يا أيها الأطفال/ من المحيط للخليج أنتم سنابل الآمال/ وأنتم الجيل الذى سيكسر الأغلال/ ويقتل الأفيون فى رؤوسنا ويقتل الخيال/ لا تقرأوا عن جيلنا المهزوم يا أطفال/ فنحن خائبون/ لا تقرأوا أخبارنا/ لا تقتلوا آثارنا/ فنحن جيل القىء والسعال/ ونحن جيل الدجل والرقص على الحبال».

حاول «جودت» ضم آخرين لموقفه، فاستخدم أسماء كبيرة، وهى، أم كلثوم، ونجاة الصغيرة، والشاعر أحمد رامى، وعن أم كلثوم قال: «لسنا ندرى هل سمعت بقصيدة نزار أم لا، فإنها لا تزال فى الإسكندرية مشغولة بقضية الوطن والاستعداد للسفر إلى باريس للغناء هناك، ولكن ليس سرا أن نقول إن نزار أرسل إليها أكثر من وسيط لتغنى له قصيدة، غير أنها رفضت بإصرار، قائلة: إن شعره لا يعجبنى ولا يهزنى بالمرة»، وهذا الرأى الذى نسبه «جودت» لأم كلثوم يتناقض مع ما حدث بعد ذلك، حيث غنت لنزار قصيدة «أصبح عندى الآن بندقية» عام 1969، وفى أكتوبر 1970 غنت قصيدة «عندى خطاب عاجل إليك» وهى رثاء لجمال عبدالناصر.

أما نجاة الصغيرة التى غنت لنزار قصيدتين هما «أيظن؟»، و«ماذا أقول له؟»، فيذكر «جودت» أنه اتصل بها وقرأ لها «هوامش على دفتر النكسة»، ثم قال لها: «ستخسرين القصيدتين اللتين تغنيهما من نظم نزار، فإنهما لن تذاعا بعد الآن، فقالت: فى ستين ألف داهية، لست مستعدة أن أخسر قصيدتين فقط، أننى مستعدة أخسر حياتى فى سبيل العرب».

فوجئ «جودت» بعد هذه المحادثة بأن نجاة ستغنى قصيدة للشاعر اللبنانى سعيد عقل مطلعها «ورقة من الصدى/ واكتب اسما من ندى»، وتلحين محمد عبدالوهاب، فعلق غاضبا: «لو قابلت نجاة مرة أخرى لقلت لها: إياك يا نجاة، وإياك يا عبدالوهاب، إن سعيد عقل اسم وارد منذ سنوات طويلة فى القائمة التى انضم إليها نزار، فهو فى طليعة المنادين بأن أشقاءنا اللبنانيين ليسوا عربا بل فينيقيين، ولو لحن له عبدالوهاب، وغنت له نجاة فسنطالب مرة أخرى بمصادرة هذه الأغنية وفى كل بلد عربى».

لم تصمد الحملة ضد نزار طويلا، فبعد أسابيع سافر الكاتب والناقد رجاء النقاش إلى لبنان، ويكشف فى كتابه «ثلاثون عاما مع الشعر والشعراء»، أنه والكاتب والناشر اللبنانى سهيل إدريس زارا نزار فى مكتبه يوم 30 أكتوبر 1967، فعبر نزار عن ألمه مما يحدث له فى مصر، فاقترح النقاش عليه أن يكتب رسالة إلى عبدالناصر يشرح فيه الموقف ويطالبه بعلاج الأمر كله، ووعد النقاش بحملها والعمل على توصيلها إلى عبدالناصر، ووافق نزار.

سلم النقاش الرسالة للكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين رئيس مجلس إدارة دار الهلال، الذى سلمها بدوره إلى وزير الإعلام محمد فائق، ووصلت الرسالة إلى عبدالناصر، ويؤكد النقاش أن فائق استدعاه بعد أسبوع ليطلعه عليها، ومعها تعليق بخط يد الرئيس بأنه لم يقرأ القصيدة ويلغى مصادرتها، ويرفع أى حظر على اسم نزار أو أى قرار بمنع دخوله مصر.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة