تروح السنين وتجىء، ويظلُّ معرض الكتاب عُرسَ الثقافة الأبرز، وأهمَّ محفلٍ من نوعه فى المنطقة العربية، إذ لا يُدانيه معرضٌ إقليمى آخر رغم فارق الإمكانات والتمويل. وفى الدورة الجديدة يُفسح البرنامج مساحةً للاشتباك مع قضايا البلد وشواغله، بإطلاق مؤتمرٍ لمُواجهة جرائم الإخوان. تأخَّر الأمر طويلاً، وعزاؤنا أنه من الأفضل أن تأتى مُتأخّرا على أن تغيب تماما، حتى لو كانت الفكرة لا تخصُّ الهيئة، وبادرت بها دارُ نشرٍ خاصّةٌ، مهما كان حجمها وإخلاصها للهمِّ العام، فإن لدى الهيئة ما هو أكبر، وعليها التزامٌ بالضرورة والمسؤولية المُباشرة عن تدعيم خطابات المواجهة مع الإرهاب، وتقوية الظهير الثقافى والمعرفى للدولة والمجتمع، وصدِّ محاولات الاختراق والنفاذ إلى الوعى العام. وأتوجّس للغاية من أننا لو وضعنا كلَّ تلك المحاور موضعَ نقاش واستفسار، فقد تخرج الهيئة وكوادرها بصفرٍ كبير!
ربّما من نافلة القول، أن أُشير إلى تقديرى العميق لشُخوص المعنيِّين بالمعرض. رئيس هيئة الكتاب الدكتور هيثم الحاج على، والمدير التنفيذى للمعرض والقائم على نشاطه الثقافى الدكتور شوكت المصرى، صديقان عزيزان ولهما عندى من المودّة والإجلال ما يفوق كلَّ كلام، وما يشفعُ لهما فى الشخصى، كما أُقدّر قيمة وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم وفنَّها وجهدَها، وقلتُ لها ذلك فى مكتبها وفى لقائنا بمؤتمر أدباء مصر "بورسعيد 2019" الذى شرفتُ بأمانته العامة. لكننا هنا إزاء شأنٍ عام، ينضبط بالمنطق والصائب وإيفاء كلِّ مسؤولٍ بمسؤوليته، لا بالمحبّة والتقدير، ولا بالخواطر والمجاملات. ما نحن بصدده يخصُّ ثقافة مصر وهُويَّتها وحربًا شعواء شُنَّت عليها، وما تزال، وكلُّ تهاونٍ أو تقصير يُمثّل ضربا فى القلب، حتى لو تحقَّق فى المُقصّرين شرطُ حُسن النيّة!
أربعُ سنواتٍ فقط كانت فاصلا بين تأسيس حسن البنا لجماعته الإرهابية، وامتلاك مجلّةٍ ومطبعة. أدرك التنظيمُ أهميّةَ اختراق الثقافة والنفاذ إلى المجتمع من زاوية الوعى، حتى أنه أسَّس آلتَه الدعائيّة قبل تأسيس جناحه العنيف. تلك الأولويَّة ظلَّت حاكمةً للرؤية والإدارة، فتوسَّع فى الخطاب وأدوات ترويجه: أصدر مطبوعاتٍ وجنَّد كُتّابًا واخترق صُحفًا وامتلك مواقع وقنوات. الآن ذبلت الجماعة الإرهابية حركيًّا، لكنَّ وكلاءها يضعون أياديهم على حصّةٍ من سوق النشر، ويخترقون اتحاد الناشرين، واتحاد الكتاب، وعديدًا من حلقات الثقافة ودوائر المُثقّفين. هيئة الكتاب لا ترى ذلك، أو ربّما تتعامى عن رؤيته. كالعادة وصلت عشراتُ الدُّور المشبوهة إلى فضاء المعرض، وكالعادة يحمل الجانب الأكبر من برنامجه خبطًا عشوائيًّا تسودُه المُحاباة والمجاملات وتطييب الخواطر، وما وراء ذلك من تشويهٍ للثقافة وتعطيلٍ لأدوارها الواجبة، ومن فتح ثغراتٍ ومساراتٍ خلفيّة ينفذُ منها ذبابُ الإرهاب مُلتحفًا بعوار أمناء الأبواب وقصور أنظارهم، وحاملاً خطابَه الرجعى فى أطباقٍ مُلوَّنة تسرُّ محبِّى الكرنفالات الساذجة وتخدعُ الناظرين!
بعضُ الناس امتدحوا البرنامج الثقافى للمعرض، وآخرون انتقدوه. وكتب فريقٌ مُمتعضين من سيطرة أعضاء اللجان ومسؤولى المحاور وأصدقائهم على كثيرٍ من الفعاليات؛ لكنَّ كلَّ ذلك يظلُّ من الهوامش والتفاصيل القابلة للإسقاط والتجاهل، لولا أن هيئة الكتاب ورئيسَها ومعاونيه استهانوا بما هو أهمّ، وبصقوا فى البئر التى دعوا الناس أن يشربوا منها، وظلّوا على رضاهم العاجز - أو ربّما سيِّئ النيَّة من البعض - بالقُصورِ فى مُواجهة خصوم الثقافة وهويَّة البلد بكامله، بل وإفساح المجال لبعضهم ليبصقوا معهم فى بئرنا!
فى تصريحٍ على هامش الدورة السابعة والأربعين، تعلَّل الحاج على فى نفاذ كُتب الإخوان إلى المعرض، بأن هيئة الكتاب ناشرٌ ومُنظّم، وليست رقيبًا يملك سُلطةَ الحَجب. بعيدًا من خفّة هذا التبرير وإسقاطه لمُرتكزٍ أساسى يخصُّ ولايةَ الهيئة الكاملة على معرض الكتاب، من حيث كونها مُنظّمًا ومسؤولا عن اختيار العارضين، وما يُوفِّره هذا لها من وضع ضوابط تعاقديّة تضمن الالتزام بالقانون المصرى، الذى يُصنّف الإخوانَ والمُنتمين لهم تنظيميًّا وفكريًّا وماليًّا على لوائح الإرهاب، فإن الردَّ الذى لا يقبلُ المُناورةَ من "هيثم" وفريقه أن الأمر لم ينحصر فى الكتب التى لا ولاية لكم عليها، وإنما امتدّ إلى البرنامج المُصاحب الذى لا ولاية عليه لغيركم! فماذا عن الإخوان الذين تسرّبوا إلى الفعاليات باختياركم، وطبعتم أسماءهم على ورقٍ فاخر يُموّله دافعو الضرائب وتدعمه الدولة التى يختصمُها هؤلاء وتُخاصمهم؟!
كلُّ قريبٍ من الوسط الثقافى، وكلّ من طالع منصَّة رابعة خلال احتلال الإخوان للمنطقة، ومن يتذكَّر بيانَ تأييد الجماعة ووزير ثقافتها وما يحمله من توقيعات، لن يحتاج وقتًا أو جهدا لفرز عناصر التنظيم وداعميه وخدَّاميه من قائمة المُشاركين فى النشاط. إذا كان مسؤول المعارض بالهيئة محدودَ الخبرة والقدرات كما يقول عنه زُملاؤه، وسمعته شخصيًّا من بعضِهم، ووصل الاختراقُ إلى أن الرجل الثانى فى هيئة قصور الثقافة مثلاً كان من الراقصين فى مؤتمرات الإخوان، فلعلَّ أروقةَ هيئة الكتاب أيضًا تُخبّئ مَنْ يُخلصون لأجندة الجماعة الإرهابية ويعملون فى خدمتها، وكانوا سبب العوار البادى على قوائم البرنامج ودُور النَّشر. هل حدث الأمر بحُسن نيَّة؟ ربّما، ولا أملكُ أو أحبُّ أن أرمى أحدًا بالسوء، لكنَّ الطريق إلى الجحيم تحفُّه النوايا الحسنة أحيانًا، وسواء كان الاختراق ناتجًا عن قلِّة وعى، أو عن ثقةٍ غير مُستحقَّة فى بعض المُنظّمين وأعضاء اللجان، فما وراء الأمر صادمٌ ومُزعج، إذ يعنى أن الهيئة لا تملك رؤيةً ولا استراتيجية عمل، وتضرب فى أركان الأرض بعشوائيّة وعلى غير بصيرة، وكبارُها يُسلِّمون رقابَهم لصغارِها، بل وصغارِ الأصاغر الذين يأكلون على مائدة الدولة وهم يُخبِّئون لها السكاكين فى طيَّات ملابسهم!
فى حديثِه بالعام 2016 قال الدكتور هيثم إن كُتبَ سيد قطب الموجودة بالمعرض لا تتعدَّى "الظلال والتصوير الفنى" مُعتبرًا أنها تقعُ فى حيِّز التفسير ولا علاقة لها بالعنف. مبدئيًّا يبدو أنه لم يقرأها، أو قرأها ولم يلحظ أن بذور الحاكميّة وتكفير المجتمع أطلَّت علينا منها، لكن الأخطر أن هذا الفرز يُشير إلى خللٍ عميق فى المفاهيم. أفكارُ الإخوان كلُّها مشبوهةٌ ومُلوّثة، ما دعا منها إلى الإرهاب وما ادَّعى الاحتكامَ للفن والأدب. برَّر الدكتور لـ"قطب" فى 2016، ثم فُوجئت الهيئة بوجود كُتبٍ لحسن البنا نفسه فى 2019. يبدو أنَّنا بعد كلِّ سنوات عملِه ما نزالُ فى حاجةٍ ماسّةٍ لأن نتبيَّن حُدودَ القائمة التى يعتبرُها المسؤول الأوَّلُ فى أرفع مُؤسَّسةٍ معنيَّة بالنشر والكُتب إرهابًا! وهل الفرز السطحىُّ السابق يُبشّر باستبعاد كتابات محمد عمارة وسيد سابق وراغب السرجانى والغزالى والقرضاوى والصلابى والندوى والمودودى وسعيد حوى وطارق سويدان، وروايات أحمد خيرى العمرى وأيمن العتوم وأدهم شرقاوى وحنان لاشين وغيرهم من قائمة الحذر واستشعار الخطورة؟ وماذا عن آخرين كُتبهم معروضة الآن بالفعل مثل القطبى المُتطرّف أحمد موفق زيدان فى دار لبنان؟ إذا كان بعضُ الإخوان التافهين والسُّذَّج قد تسرَّبوا إلى برنامج المعرض، فلا شكّ فى أن أقلامَهم الوافدة علينا بمخاتلةٍ قديمة أو مكياجٍ جديد لن تكون بعيدة من مُتناول القراء، سواء من دُورٍ محلّية أو عبر وسطاءٍ خارجيِّين! يبدو الأمر كأننا نحرثُ البحر، أو أن بعض مسؤولى الثقافة الهواة أو المُنحازين لا يُخلصون لأدوارهم، اللهم إلا إن كانوا يعتبرون تمكينَ التطرُّف ومنحَه مُتّسعًا من قبيل مهامهم الواجبة!
كتابُ "الظلال" لسيد قطب أعادت الجماعة إنتاجه فى نسخةٍ عصريّة باسم "البوصلة القرآنية" بتوقيع خيرى العمرى، وغير ذلك من رسائل البنّا وتنظيرات آباء العُنف اتَّخذت أشكالاً مُغايرة فى إصداراتٍ شبابيّة تُناسب الرهان على المُراهقين والقُرّاء الجُدد، وتدفعُ فى اتِّجاه تغذية الأُصوليّة انطلاقًا من نزعةِ الناس المُحافِظة. كثيرٌ من أفكار الإخوان تحوّلت إلى سردٍ ضمن موجةٍ تُعرَف ابتذالاً بـ"الرواية الإسلامية". الآن يسيطرُ عددٌ من وكلاء الجماعة الإرهابية على سوق النشر واتّحاد الناشرين، ويملكون عددًا ضخمًا من الدُّور والمطابع والمكاتب والمكتبات والتوكيلات، ولديهم من الملاءة والإمكانات ما يسمحُ بتغذية مسارِ إنتاجٍ للكُتب الداعمة أو المُروّجة لأفكارهم، وحتى لو نشروا كُتبًا عادية لن ينفى عنهم ذلك صفةَ الإرهاب بانخراطهم فى التنظيم وشراكتهم فى خططه وتبنّيهم لأهدافه، بل إنه يُعزِّز قُدراتَهم اللوجستية وحركة عبور الأموال من الجماعة وإليها، وهى السيولة التى تُوظَّف ضد المجتمع نفسِه لاحقًا. يتطلَّب الأمر وقفةً جادة، ربّما تكون خبرةُ التخفِّى والمناورة لدى تلك العصابة عاملاً يُمكِّنهم من تلافى ضربات القانون جزئيًّا، لكن هيئة الكتاب مُلزَمة بألا تكون مُيسِّرًا أو معبرًا مأمونًا، ومُطالبة بتفعيل دورها من أجل سدِّ الثغرات وتجفيف المُستنقعات وتحجيم فُرص وصول الجماعة إلى العقول وأرباح النشر، وإن لم يكن بمقدورِها ضبطُ السوق بكاملها، فعلى الأقل لا تترك معارضها ساحةً مفتوحة ومطيَّةً سهلةً لهم. قبل شهرين قال رئيس الهيئة إنه سيتقدَّم ببلاغٍ رسمىّ ضدَّ واحدة من تلك الدُّور، لأنَّ مالكَها سبَّه واتَّهمه بأنه أداةٌ فى أيدى آخرين. من أسفٍ أن الدكتور هيثم ثار لنفسه فقط، ولم يثُر للثقافة التى ينتهكها الأصوليّون، أو على الخطر الذى تُمثّله هذه الدار وأشباهُها المشبوهون!
الدّارُ التى اكتشفوا فجأةً أنها تحمل فكرَ الإخوان وتُروّج للتطرُّف والإرهاب، وكانت كلُّ كُتب العنف والدّم والأفكار العفنة على موقعها، وعشراتٌ منها بين مطبوعاتها، منحتها الهيئةُ برئاسة الدكتور هيثم نفسه أرفع جوائز المعرض قبل سنتين، وربَّما لولا تجاوز مالكها فى حقّه لكانت بين المُشاركين اليوم أو حصدت الجائزة نفسها مُجدّدًا، لكن دُورًا غيرها لم تسبّ الدكتور ففازت بالمُشاركة، رغم أن وجوهها مُلطّخة بالجريمة نفسها. كأنهم فى هيئة الكتاب يُطلقون الرصاصَ على أقدامهم، وعلى أقدام الثقافة والبلد بكامله، وبينما نخوضُ مواجهةً فُرضت علينا مع الإرهاب ودُعاته، ودفعنا فيها دمًا وعرقًا وقدرًا من الأزمات وخسائر الاقتصاد، يكبشُ بعضُ المُنتمين إلينا النارَ ويُربّون الثعابين فى أحضاننا رغمًا عنّا. والمُؤسف أنهم ينتقلون من دورةٍ إلى أُخرى ولا يشعرون تمامًا بأنهم طرفٌ فى الأمر، أو أنهم مُقصّرون فى صدِّ الهجمة، بل ومُشجِّعون على استفحالها أحيانا!
تسعُ سنواتٍ من النوم الكامل، أو على الأقلّ انعدام الحميَّة، والتقاعس عن المواجهة. المُدهشُ أنَّ قيادةَ الهيئة الحالية حضرت المشهد منذ بدايته تقريبًا. اندلعت ثورةٌ شعبيَّةٌ عارمة ضد الإخوان فى يونيو 2013، وتداعت أو استُدعيت مُؤسَّسات الدولة وكلّ فئات المجتمع إلى مُواجهةٍ جادة وشاملة مع الجماعة وإرهابها، إلا هيئة الكتاب للأسف! بعد الثورة بسنةٍ ارتقى الدكتور هيثم الحاج على مقعد نائب رئيس الهيئة، وأواخر العام التالى أصبح رئيسًا، وما يزال. ثمانى سنوات كان الرجلُ فاعلاً داخل مُؤسَّسة النشر الأضخم فى مصر، وأعتقد أننا لو سألناه عن العناوين التى طبعتها الهيئة لأسماء مشبوهة وداعمين للتطرُّف لن نجد إجابةً، رغم أنهم فعلوا ذلك. وإن سألناه عمّا طبعوه ضدّ التطرُّف طوال سنواته الثمانية فقد لا يكون الجواب مُرضيًا. حتى مع تذكُّر المعركة مُتأخّرًا فى الدورة الحالية، لم يكن الأمرُ مُبادرةً من الهيئة، ولم تتفاعل معه بطباعةِ عناوين قديمةٍ أو استكتاب مُتخصِّصين فى جديدٍ يُوثِّق جرائم الإخوان ويُفنِّد أفكارَهم ويردُّ على شُبهاتهم وأكاذيبهم. باستثناء "هؤلاء هم الإخوان" و"المُضلِّلون" بالعام الماضى، و"الإخوان والحُكم" بالدورة الحالية، قد لا تجد عنوانًا معنيًّا بالأمر يُمكن التعويل عليه. تتعامل الهيئة كأنَّ المعركةَ لا تخصُّها، وكأنَّ البلد لا يعنيها، وكأنّ التنوير وصدَّ الرجعيّة والإرهاب آخر اهتماماتها، بل تُلقى كل ذلك إلى سلَّة قمامتها وتستدعى بعض المشبوهين فى برامجها، حتى إذا ما غابت كُتب التنظيم نسبيًّا، لا تغيب عنه فرصةُ المشاركة ببعض ذيوله وداعميه!
أتمنّى أن تنجح دورةُ المعرض، بل أثق فى نجاحها. من كرمِ الله ورأفته بنا أن الهيئة لا تضطلع وحدَها بمهمَّة التنظيم، وتُوكل الأمر إلى شركاء مُحترفين. لكن سيظلُّ هذا النجاح جزئيًّا، يخصمُ منه أن إخوانًا ظاهرين ومُستترين تسرَّبوا إلى أهم محافلنا الثقافية تحت نظر الهيئة، مُستغلّين الثغرات والشقوقَ التى فتحها لهم منطق المُجاملة والشلليّة وبعض المُدّعين والأفّاقين. مؤتمر "مواجهة الإرهاب" بادرةٌ طيّبة، وشكرًا لدار النشر الخاصة التى اقترحته وعالجت قُصورَ الهيئة وتقصيرَها، لكن نحتاج أن يكون هذا المسارُ دائمًا ومُنظّمًا، وأن نتحلّى بالجرأة فى صدِّ مَنْ يكرهون هُويّة هذا البلد ويعملون ضدَّها. ربّما تكون البداية من إعلان أسماء المسؤولين عن نفاذ بعض المحسوبين على الإخوان إلى برنامج النشاط الثقافى، ومُراجعة قوائم الدُّور المُشاركة والالتزام بمَنع مَنْ تثبُت عليه تُهمة الاتّصال بالإخوان، لا سيَّما أن بعضَها الدور تملكه أو تُشارك فيه وجوهٌ مقطوع بانتمائها للتنظيم، أو لديها مشكلات قانونية، أو مُدرجة بقوائم التحفُّظ على الأموال، والأهمّ أن تنشطَ الهيئةُ فى دورها الأساسىِّ، ناشرًا للكُتب وداعمًا للوعى والهُويّة والتنوير. فى معركةٍ أقلّ حدَّةٍ ممّا عشناه فى سنواتنا الأخيرة، أصدرت الهيئةُ تحت رئاسة سمير سرحان سلسلة "المواجهة". بعيدًا من الفارق الشاسع بين الراحل والمُقيمين. لماذا لا نستعيدُ السلسلةَ ونُكثّف إصداراتها؟ لماذا يتحرَّكُ مسؤولو الهيئة بحيادٍ كأنّ الأمرَ لا يعنيهم أو أنهم يخافون مُزايدات سلفيِّى الثقافة والمُؤدلجين منهم؟ إمَّا أن يضطلع الناسُ بأدوارهم، أو يتركوها لمن هم أقدر منهم. ما دون ذلك تواطؤٌ للأسف، وأُعيذُ الأصدقاءَ الأعزّاء والقائمين على هيئة الكتاب من أن يكونوا فى زُمرةِ المُتواطئين!