أغلقَ سيِّد القمنى دفترَه ومضى، تاركًا خلفَه جدلاً مُحتدمًا ربَّما يفوقُ ما أثارَه فى حياتِه. أربعين سنةً قضاها الرَّجلُ فى الاشْتغالِ بالفكرِ والكتابة، اكتسبَ أعداء لا حصرَ لهم، ولم يفُز للأسفِ بأصدقاء مُخلصين. تُلخِّص رحلةُ "القمنى" جانبًا كبيرًا من أزمةِ الثقافةِ العربيَّة، وربَّما محنةِ العقلِ الأُصولىِّ أيضًا، ورغم خلافِ كثيرين مع ما حملته كُتبُه العديدةُ، فلعلَّ فى حياته وظروفِ رحيلِه ما يُؤكِّدُ أفكارَه عمليًّا، أكثرَ ممَّا ساقه من أدلَّةٍ نَصِّيةٍ أو اجتهاداتٍ فى قراءةِ التاريخِ والحوادثِ والنُّصوص!
حاول الرجلُ أن يسيرَ فى غابةِ التَّاريخِ والدِّين، ولم يبتكر دِينًا أو تاريخًا جديدين. اجتهدَ على طولِ رحلتِه الفكريَّةِ، أصاب وأخطأ كما هى طبائعُ الأُمور؛ لكنَّه لم يكن عدوًّا لحاضنتِه الثقافيَّةِ أو خارجًا عليها. فى الواقعِ كان مُخلصًا لها بقدرِ إخلاص العاكفين على تصنيمِها وعبادتِها، كُلُّ ما فى الأمرِ أنَّه نظرَ من زاويةٍ مُغايرةٍ، وحاولَ تخليصَها من الشَّوائبِ بدلاً من رعايةِ الصَّدأ على حوافِّها. لم يكن مُعاديًا لمنظومةِ الفِكرِ والاعتقادِ من خارجِها، وإنَّما تلبَّس عباءتَها واستعار أدواتها من أجلِ نقدِها من الداخل. استعان على التُّراثِ بالعقل، لكنَّه لم يُقابله بروايةٍ أُخرى أو بالتفكيكِ والردِّ الكاملين، بدا سياقُه العريضُ مُحاولةً لتحريك الماءِ الرَّاكدِ، ودعوةً للنَّظرِ فى القضايا على هيئتها الفعليَّةِ لا كيفما اختارَ لها بائعو الرُّوايات، ومساءلتِها بمنطقِها البسيط حسب ظروفِ عصرِها، وإخضاعِها للفَهمِ على ميزانِ الرَّاهنِ وفقَ ما آلت إليه الأحداثُ وأسفرت عنه النَّوايا والدَّوافع، ورأيناه واقعًا مُتجسِّدًا وآخذًا فى النموِّ من حولنا.
تصوَّرَ الأُصوليُّون أنَّ "القمنى" يتَّخذ منهم موقفًا عدائيًّا، وأنَّ مشروعَه الفكرىَّ يبتغى خلخلةَ الأرضِ التى يقفون عليها، سعيًا إلى إبعادِهم أو تمكينِ آخرين. تلك الرُّؤيةُ تنطوى على تبسيطٍ واختزالٍ مُختلَّيْن ويصمانِ النظرةَ السلفيَّةَ العتيقةَ، والمُغلقةَ على نفسِها. استندَ الرَّجلُ فى مُقاربةِ تاريخِ الاعتقادِ ومداراتِه الاجتماعيَّةِ والسياسيَّةِ إلى النُّصوصِ نفسِها، وحفظَ مركزيَّة النصِّ الأوَّلِ ولم يسلبه قداستَه. باختصارٍ طوَّع الأُصولَ لتكونَ مدخلاً لقراءةٍ نقديَّةٍ. من تلك الزَّاويةِ يُمكنُ اعتبارُ القمنى نفسِه "أُصوليًّا"؛ لكنَّه ابتكر مسارًا مُغايرًا للحركةِ داخلَ التُّراثِ والتَّعاطى معه، على ما فيه من خُشونةٍ باديةٍ إلا أنه يظلُّ حوارًا. لا ينفيه بالكُلِّيَةِ فيفقد ما له من وجاهةٍ وحُضور، أو يحرم نفسَه من فُرصةِ تدويرِه وإعادةِ قراءتِه واتِّخاذِه مُرتكَزًا لمُساءلةِ البيئةِ المُنتجةِ للأحداثِ ونُصوصِها. هُنا يُصبحُ العداءُ المُتشنِّجُ طعنًا فى التُّراثِ كاملاً، لا فى "القمنى" وحده أو من يسيرون فى طريقه؛ لأنَّه ينزعُ عن الرِّواياتِ إطلاقَها الذى يستندُ إليه سَدَنةُ الأُصوليَّةِ الرَّاهنةِ، ويُغامر بتخطئةِ النصِّ والانتقاصِ منه كُلَّما ردَّ قراءةً من قراءاتِه المُمكِنة!
يرى سيد القمنى أنَّ البواعثَ الاجتماعيَّةَ والسياسيَّةَ لها نصيبٌ من تاريخِ الاعتقاد. السلفِّى الذى يُؤمن الآن بأنَّ الواقعَ لا يُمكنُ أن يتجاوزَ أفكارَ الأوَّلين، يتَّفق مع الرَّجلِ تمامًا فى أنَّ أيَّة حقبةٍ أو دعوةٍ أو عقيدةٍ لن تكون خالصةً على الإطلاقِ من أفكار سابقيها. مثلما يُمكنُ أن تكون سلفيًّا اليوم، كان سَلَفُك سلفيِّين لآخرين سبقوهم. مهما حاولوا التخلُّصَ من ميراثِهم القديمِ، فلا شكَّ فى أن أمورًا عالقةً فى الثياب انتقلت معهم من مرحلةٍ إلى مرحلة، ومهمَّةُ قراءةِ التَّاريخِ والنصوص أن تفُضَّ الاشتباكَ فى تلك المساحةِ، أو تفهمَ حُدودَ التَّداخُلِ وظِلالَه اللاحقةَ على الخطابِ ونشأتِه ومُنشئيه. بدأ الأمرُ بدعوةٍ ورسالة، صحبها نصٌّ، ثمّ تبعتها نُصوصٌ أنتجها بشرٌ؛ من أجلِ الشَّرحِ أو التفسير أو التصدِّى لقضايا الواقع، لاحقًا جرت إزاحةُ النصِّ الأوَّلِ لصالحِ الشُّروحِ والتفاسير. يرى "القمنى" أن ما نتداوله الآن حصيلةُ تصوُّراتِ السابقين عن النصوصِ، لا حقيقةَ النُّصوص نفسها. هل يُمكن أن يكون هذا الرأىُ خاطئًا؟ الاحتمال قائمٌ طبعًا؛ لكنَّ هناك احتمالاتٍ أُخرى مُضادّة، وانظر مثلاً إلى ما يُرسِّخُه الرُّواة وعُبَّادُ النَّقلِ عن "حدِّ الرَّجم" فى الإسلام، ثمّ اقرأ آخر الآيةِ الخامسةِ والعشرين من سُورة النساء!
لا شكَّ فى نوايا السابقين؛ لكنَّ ما حدث أنَّه جرت سَرقةُ النُّصوصِ أو تأميمُها لصالحِ تصوُّراتِ فريقٍ من النَّاس عنها. نحمدُ الاجتهادَ ونعرفُ فَضلَ المُجتهدين، ولا يقدحُ فيهم القولُ إنَّ إغلاقَ أبوابِه قبل ثمانيةِ قُرونٍ تقريبًا كان مدخلاً لتجميدِ الزَّمن، وحبسِنا فى رُؤى الآخرين بدلاً عن فَتحِ البابِ لإنتاجِ رُؤانا. كان سيد القمنى مُشتبِكًا مع الظِّلالِ لا مع أصلِ الشَّجرةِ، قال الرَّجلُ غيرَ مرَّةٍ إنَّه لا خوفَ على الإسلامِ؛ لأنَّه راسخٌ ثابتٌ كحالِ الأديانِ دائمًا، لكن الخوف على المُسلمين أنفسِهم بينما تُمارَس عليهم وصايةٌ ماضويَّةٌ أو يُحبَسون قَهرًا فى أفهامِ الآخرين، التى خُلِقَت واستجابت لزمانٍ غير زمانهم، وصنَّف نفسَه مُعتزليًّا لا مُلحدًا كما يطيبُ لخصومِه أن يصفوه، وتعامل مع مشروعِه من زاويةِ أنَّه معركةُ تنويرٍ لا حربَ وجود. الشَّماتةُ التى ردَّت بها تيَّاراتُ الأُصوليَّةِ وجماعاتُ التطرُّفِ على خبرِ موتِه تضعه فى مدى أبعد ممَّا اختار لنفسِه، وتُحوِّلُ الأمرَ من مُقاربةٍ لتاريخِ الاعتقادِ من داخلِه، إلى صدامٍ لا يستوعبه غُلاةُ المُعتقدين ولا يقدرون على إدارتِه، فضلاً عن أنَّه يقدحُ فى منظومةِ القِيَم التى ينطلقون منها، من حيث حُرمةِ الموت وإجلالِ الرُّوحِ وكَراهةِ الشَّماتةِ وفُجرِ الخُصومة.
أصعبُ ما فى القصَّة حالةُ الخذلانِ التى عاناها سيد القمنى. لم يكُن الرَّجلُ محسوبًا على شِلَّةٍ أو تيَّار؛ ربَّما لهذا لم يجد مُساندةً من أحد، ولم يملك غِطاءً يُعزِّزُ مركزَه قبالةَ جماعاتِ التطرُّف والإرهاب، كما فعلت حاضنةُ اليسارِ مثلاً مع خليل عبد الكريم، أو نُخبةُ الثَّقافةِ والأدبِ مع نوال السعداوى وفرج فودة، أو الغلافُ الأكاديمى والتيَّار المدنى مع نصر أبو زيد، أو اختلافُ البيئةِ والسياقِ الاجتماعى مع عابد الجابرى ومحمد أركون ومحمد شحرور، أو الأصوليِّون أنفسُهم مع عبد الصبور شاهين قائد فيلقِ الحربِ على "نصر" بعدما واجه أزمةً شبيهةً بسبب كتابِه "أبى آدم". خرج "القمنى" للمُجتمع عاريًا من كُلِّ حمايةٍ، وخذله المُثقَّفون فى كُلِّ المعاركِ والأزمات، حتى أنَّه عندما تلقَّى خطابَ تهديدٍ بالقتلِ قبل قرابة عقدين وأصدرَ على أثرِه رسالةَ اعتذارٍ واحتجابٍ عن الكتابةِ والنَّشرِ، زايدَ عليه المُنحطُّون منهم واتَّهموه بالادِّعاء والتمثيل؛ كأنَّه يسعى إلى وجاهةٍ أو يبحثُ عن بُطولةٍ مجانيَّةٍ، أو كأنَّهم يستكثرون عليه خُصومةَ الدَّمويِّين وأن يكونَ أهلاً للقتل فى معركةِ تنويرٍ عجزوا عن خوضها، ثمَّ انسحبوا منها، ثمَّ باعوا كُلَّ من تصدَّوا لها بدلاً منهم!
يدورُ أغلبُ مَشروعِ "القمنى" حولَ أثرِ السِّياسةِ والاجتماعِ فى مسارِ الاعتقاد. وهو أَمرٌ لا يُمكنُ إنكارُه من داخلِ الدَّائرة، حتى لو شَطبتَ كثيرًا ممَّا استدعاه الرَّجلُ فى كتاباتِه عن اتِّصالِ الفِكرةِ بما سبقها من ظُروفٍ وعقائد. كانت السقيفةُ مثلاً بدايةً لبُزوغِ رُؤيةٍ سياسيَّةٍ قَبَليَّة، وتطوَّرت الحالُ من دَولةِ الخِلافةِ الرَّاشدةِ إلى صِراعاتِ الأُمويِّين وجُموحِ العبَّاسيِّين وجَشعِ العُثمانيِّين. مُلخَّصً الوضعِ أنَّ الإسلامَ دِينٌ امتلك دَولةً فى لحظةٍ تاريخيَّة، سواء كانت حُلمًا قديمًا لدى الهاشميِّين كما قالَ "القمنى" أو استجابةً زمنيَّةً فرضتها ظُروف الدَّعوةِ كما أرى ويُوافقنى آخرون، فإنَّ هذا لا يُغيِّر طبيعةَ الأَثرِ السياسىِّ بما أنشأه من هياكل سُلطةٍ أُسبِغَت عليها قداسةُ العقيدة، ومنظومةِ حُكمٍ بشريَّةٍ اعتمرت عِمامةَ شَيخِ الجامع؛ لكنها رغمَ ذلك لم تملك أسبابَ البقاء؛ فنزعت وجهَ الاعْتقادِ كاملاً لصالحِ القبيلةِ ثمَّ مُلكِ العائلة، ولاحقًا خلعت ما تبقَّى من شعاراتِ الدِّين وأخلصت للسِّياسةِ بمنطقِها الكاملِ، وأخيرًا انتهت إلى التفكُّكِ لأنها لم تكُن جزءًا أصيلاً من الفِكرةِ، بينما استمرَّ الدِّينُ لأنه أشبعَ احتياجًا حقيقيًّا قابلاً للتمدُّد فى الزمانِ والمكانِ، وكان الغلافَ الذى استوعبَ صراعاتِ الاجتماع وطُموحات الساسة، وتحرَّك بها دون اهتزازٍ أو تناقض!
الوعىُ الذى توفَّر لـ"القمنى" من قراءةِ المساحةِ الملغومةِ بين السياسةِ والعقيدةِ، كان هاديًا له فى استكشافِ حركةِ الجماعاتِ الأُصوليَّةِ فى المجال العام. حملَ الرَّجلُ موقفًا جادًّا وصارمًا تجاه الإخوان وغيرِهم من تيَّارات العُنفِ وتُجَّار الاعتقاد، وله من المقالاتِ والآراءِ ما يضربُ مشروعَهم فى صميمِه؛ بل إنَّه جاهرَ بالعداءِ فى مواقفَ ومحطَّاتٍ فاصلة، فكتب وقت تفجير طابا 2004 "إنها مصر يا كلاب جهنَّم"، وكتب ضد جماعة حسن البنا ومُحاولات سيطرتها على الحُكم، وهاجم مندوبَها على رأسِ السُّلطةِ خلال سنةِ تصدُّرهم السوداء. جانبٌ كبيرٌ من الهُجومِ واللعناتِ الآن يصُبُّه فريقٌ من هؤلاء الذين يحملون عداءً شخصيًّا له، وجانبٌ آخرُ ممَّن يقعون فى دوائر تأثيرهم أو تُدارُ أدمغتُهم بحُمولاتٍ عقائديَّةٍ مشبوهةٍ ومُوجَّهةٍ، وآخرون يُساقون بمنطقِ القَطيعِ وكُرةِ الثَّلجِ التى تكبُر كلَّما دارت. بالطبع ليس كُلُّ الخُصومِ من الإرهابيِّين؛ لكنَّ أغلبَهم يحوزون بذرةً واحدةً لا يملكون غيرها، يختصمون فى وقتِ الزَّرْعِ ومكانِه، لكنَّهم فى الأخير ينتظرون النبتةَ نفسَها ويتطلَّعُون جميعًا لأن يحصدوا محصولاً واحدًا.
رحل "القمنى" بعدما تركَ أثرًا لا يُمكنُ إنكارُه - بعيدًا من تفاوتِ تقديرنا بالسَّلبِ أو الإيجاب - وحاز اهتمامًا جعله مادَّةً ثابتةً لدى خُصومِه فى الحياةِ والممات، وما فيضُ السِّباب واللعن وسَفالةِ السَّافلين إلا دليلاً على أنَّه لم يعبُر عُبورًا سهلاً، حتى أن مُتطرِّفًا شهيرًا على مواقع التواصل كان مُدلَّلاً لدى عُتاةِ التطرُّف وأوقفته وزارة الأوقاف عن الخطابةِ قبل سنوات لوضاعةِ آرائه، تجرَّأ على أن يتألَّى على الله ويقضى بمصيرِ الرجل بعدما أصبح بين يدى خالقه. دُفِن "القمنى" سرًّا فى بلدِه بالشرقية؛ ربَّما لخوفِ الأُسرةِ من جهالةِ الجاهلين الذين هدَّدوه بالقتلِ، وقد لا يتورَّعون عن التمثيل بجُثَّته لو تمكَّنوا منها، وغاب المُثقَّفون ليُكملوا المشهدَ ويُغلقوا دائرةَ الخذلان تمامًا. أختلفُ مع كثيرٍ من أفكارِ سيِّد القمنى واستخلاصاتِه، ولدىّ مُلاحظاتٌ على مَسْحةٍ ماركسيَّةٍ تحكمُ قراءتَه للتَّاريخ، وعلى منطقِه فى الاستشهادِ والاستدلالِ والثَّبْتِ، وغير ذلك من أمورٍ يتَّسع لها النِّقاشُ العلمىُّ والفكرىُّ الذى لم يعُد مُمكنًا بعدما مات الرَّجلُ، إلا أنَّ كُلَّ التحفُّظاتِ وغيرَها لا تمسُّ نواياه، ولا تُوفِّر لى من التجرُّؤ ما يكفى لأن أُحاكمَ ضميرَه أو أقدحَ فى عقلِه أو أُقلِّلَ من قيمتِه. وحتى من يرونه عكسَ ما أرى، ما عليهم إلَّا أن ينظروا فى عُيونِ أعدائِه ويُصيخوا السَّمعَ لنفايات ألسنتِهم، ليعرفوا قَدْرَ سيد القمنى وقيمته، وحجمَ ما أحدثه فى عقولِهم وقلوبِهم من أثر!
كان شُجاعًا وصاحبَ رُؤيةٍ ورأى، وكان شريفًا فى خُصومتِه إلى درجةٍ تعلو أغلبَ خُصومِه، وكان جديرًا بالاحترامِ مهما اختلفتَ معه. خسارتُه كبيرةٌ، وقيمتُه تفوقُ أُمَّةً من المُتطرِّفين ودُعاةِ التطرُّفِ وسَارقى الاعتقادِ من النَّاس، ومن ثِقالِ القلبِ سُفهاءِ العقلِ "الذين ضلَّ سعيُهم فى الحياةِ الدُّنيا وهم يحسبُون أنَّهم يُحسنون صنعًا". رغم ذلك تظلُّ وفاتُه مُجرَّدَ رحيلٍ عابرٍ، وكما يموتُ العابرون مات، لكنَّ ما وراءها أخطرُ وأدعى للنَّظرِ، إذ ما يزالُ منسوبُ الأُصوليَّةِ المُتكلِّسة المُعاديةِ للحياةِ والآخرين مُرتفعًا، وخطابُ التطرُّفِ زاعقًا إلى حدٍّ خانِق، وعلينا جميعًا أن نستعيدَ إنسانيَّتنَا وماءَ اعْتقادِنا الصَّافى من أيدى المُتأسلمين والدَّواعش، انتصارًا لله والدِّين والوطن والإنسانيَّة كُلِّها، إمَّا هذا أو سنظلُّ ردَّ فعلٍ وميدانَ رمايةٍ لهم، وسيظلُّ مُستقبلُ المنطقةِ بكاملِها مُهدَّدًا بأسوأ مَنْ أنجبت، ومحبوسًا فى قبضة الظلاميِّين ممَّن سَوَّد اللهُ قُلوبَهم وعُقولَهم، فباتوا يكرهون أنفسَهم قبل الآخر، ويحملون أسفارًا لا يعون ما فيها ولا يعقلون.